الثلاثاء، 3 مارس 2015

بلقاسم القناوي



بلقاسم القناوي
Belgacem Gnaoui

بلقاسم القناوي (1902-1987) : هو بلقاسم بن عمر القناوي ولد بالمطوية سنة 1902 تعلم مبادئ القرآن الكريم بالكتاب وهو صغير، كان والده الذي توفي سنة 1948 كبقية أبناء القرية يعيش متنقلا بين تونس العاصمة والمطوية يشتغل موسميا بسوق الحبوب ثم يعود لفلاحة الأرض. التحق بلقاسم القناوي بوالده في العاصمة سنة 1918 أي كان عمره ستة عشر سنة واستقر بنهج ترنجة حيث تقيم جالية المطاوة وذلك أن أحياء كثيرة مازالت تعرف بأحياء المطاوة الى يومنا هذا. وقد سعى بلقاسم القناوي الى توطيد علاقاته مع كل من يسير في منهجه، فكان على اتصال دائم بمحمد علي الذي كان يلتقي بأبناء المطوية عند التاجر حسن بن جراد في نهج ترنجة بساحة القلالين، ومن خلال هذه اللقاءات أمكن له ربط الصلة مع محمد الصيد بن ابراهيم والتهامي بن المبروك جراد وكان من بين مكوني أول نقابة وطنية وهي نقابة عملة الرصيف وكاتبها العام الصيد بن ابراهيم، كما أنه لم يدخر جهدا في مساندة محمدعلي والوقوف الى جانبه في تكوين جامعة عموم العملة التونسية، وحضر مؤتمرها التأسيسي في 18 جانفي 1925 بفندق الحرير الواقع في أول نهج سيدي محرز بالعاصمة وقد اعتمده المهتمون بحركة محمد علي كشاهد عيان على ما حدث في هذا المؤمر، ولما قبضت السلطات الفرنسية على محمد علي يوم 5 فيفري 1925 وبعض من جماعته يوم 7 من نفس الشهر بتهمة التآمر على أمن الدولة وهيبتها اذ كان المقيم العام يتحين الفرص لاسكات صوت هذه الحركة فانتهز فرصة الاضرابات التي جدت بحمام الأنف في شركة الجير والاسمنت وبالتالي القضاء على الجامعة التي تهدد المصالح الفرنسية بتونس، لم يتخل عنهم القناوي وبذلك لم تنقطع الصلة بينه وبين الجامعة لشد أزرهم وتشجيعهم معنويا كان يزورهم صحبة الطاهر الحداد في السجن المدني بالعاصمة أسبوعيا. فلا غرو إذن أن لا يدخر المطوي جهدا ولن يبخل عن تقديم الدعم المالي والأدبي لكل شخص أو مجموعة يناهض الاستعمار بمختلف مظاهره من أجل وطنية صادقة وعزيمة قوية في التوق لاسترداد الحقوق الشرعية. وحضر بلقاسم القناوي محاكمة محمد علي وجماعته بصفة شاهد نفي التهم الموجهة الى أحد المناضلين من السلط الاستعمارية والمتمثلة في كونه تلفظ بعبارات معادية لفرنسا من مثل سنلقي بفرنسا في البحر. وذكر القناوي في شهادته أن المتهم لم يتلفظ بذلك مطلقا بل قال: إننا نطالب بحقوقنا من فرنسا المتمدنة الراقية لتبعد عنا الجهالة والخصاصة وتقودنا الى طريق التقدم والتطور.

ودافع الأستاذ صالح فرحات عن السيدين محمد علي ومحمد الغنوشي ومما قال في حق الثاني : يقال أن موكلي ألقى خطبا سياسية ولو فرضنا أنه فاه بالكلمات المنسوبة إليه فإن عمله هذا يكون غلطا في التفكير ليس إلا مع أننا نتحقق العداوة التي بينه وبين صاحب المحل الذي يسكن فيه فالمستأجر الشاهد الوحيد على ما نسب للغنوشي . ويوم 5 نوفمبر 1925 أصدرت المحكمة حكما يقضي بالنفي لمدة عشر سنوات على محمد علي بن المختار والمختار بن الحاج بلقاسم العياري وبخمس سنوات على محمد بن علي الغنوشي ومحمود بن الشاذلي الكبادي وعلي بن محمد بن القروي وجول بول فينيدوري "finodori" الكاتب العام للحزب الشيوعي ويتقاسمون في النفي والتشريد عن التراب الفرنسي وتوابعه .وبمغادرة محمد علي ورفاقه البلاد التونسية جمد النشاط النقابي أو يكاد لكن بوادر بعث الحياة فيه من جديد باتت متأكدة خصوصا في الثلاثينات حيث شهدت هذه الفترة ظروفا اقتصادية متأزمة التي تأثرت منها الطبقة الكادحة كثيرا فلا جرم إذن أن يشعر في مثل هذا الوضع العملة التونسيون وخاصة العاملون منهم في القطاعات التقليدية والقطاع الغير المنظم بحاجة إلى نقابة وطنية تسهر على مصالحهم. هذه الوضعية المتردية أشعرت العمال بضرورة بعث نقابات عمالية بالصناعات الحرفية والبناء والميناء...لكن هذه المنظمات لم تعمر طويلا اذ وقف لها المقيم العام بيروطون "Peyrouton" بالمرصاد. 
و عزم بلقاسم القناوي على مقاومة الركود السياسي بغية التحريض على النضال الوطني فساهم إلى جانب بورقيبة وجماعته في حث اللجنة التنفيذية على تجاوز طرق عملها المهادنة للسلطة الإستعمارية لخلق حركية أكثر راديكالية وتجذر في المواطنين, وغالبا ما لا تخلو جولات بورقيبة داخل التراب التونسي من مرافقة القناوي الذي لا يتردد في المحافظة على سلامة سير الإجتماعات والتدخل لبسط أهداف الحزب وحث المنخرطين على التنديد بسياسة الإضطهاد وعدم التراجع عن مسيرة الكفاح الوطني وحضر القناوي مؤتمر قصر هلال المنعقد في 2 مارس 1934 بصفته أمين مال شعبة ترنجة وكمنشط في هذا المؤتمر. وكانت هذه المرحلة تتويجا لبعث الحزب الحر الدستوري الجديد بعد انشقاق جماعة العمل من الحزب عن هيئة اللجنة التنفيذية. برز نشاط القناوي السياسي خصوصا في الأحداث التي تلت اعتقال عديد الزعماء يوم 3 سبتمبر 1934 وهو ما جعله عرضة للتعذيب والإعتقال, فإثر مظاهرة نظمها الوطنيون يوم 26 مارس 1935 بمدينة تونس للتنديد بإجراءات المقيم العام التعسفية والمطالبة بإخلاء سبيل الزعماء الموقوفين وقع إلقاء القبض عليه وإبعاده يوم 12 أفريل 1935 إلى برج "لوبوف" وقد ضم هذا المنفى إلى جانب القناوي وعديد الوطنيين أربعة من أبناء المطوية (محمد الصالح جراد-علي حتيرة-علي جراد-محمد بن ابراهيم جراد) وبعد حلول مقيم عام جديد يدعى أرمان قيون وعلى غرار الإنتعاشة التي شهدها قيادو الحزب أسعفت جماعة محمد علي بالإفراج فعاد جميعهم إلى البلاد باستثناء محمد علي الذي توفي بالمملكة السعودية, هذه العودة مكنت أصحابها من إحياء فكرة بعث جامعة عموم العملة التونسية من جديد أضف التشجيعات التي لقيتها من لدن الزعيم بورقيبة, ففي 21 جويلية 1936 أسس علي القروي بمعية محمد الغنوشي والطاهر بن سالم هيئة وقتية عملت على جلب العملة التونسيين خصوصا في القطاعات التقليدية وغير المنظمة كالفلاحة والصناعة المحلية والبناء والمواني حيث يكون الشغل غير قار وكذلك في المناجم. وفي 7 مارس 1937 تأسست هيئة وقتية أخرى لوضع قانون أساسي للنقابة التونسية وتحضير المؤتمر التأسيسي وقد أسندت لبلقاسم القناوي الأمانة العامة وأعاد المؤتمر التأسيسي تجديد انتخابه بنفس الخطة يوم 27 جوان 1937 ويضم هذا المكتب 14 عضوا من بينهم اثنان (محمد الغنوشي ومحمد الصيد بن ابراهيم) كانا قد برزا في التجربة النقابية الوطنية الأولى فنشطت الجامعة وانتشرت في جميع أنحاء البلاد التونسية شعارها لا مكان للإستعمار والإستغلال في أرض تونس.وإعادة الجامعة في الحقيقة تجسيد لتأثر القناوي بأفكار محمد علي نظرا للعلاقة الحميمة والوطيدة التي تربطهما في الميدان المهني أو عند تردد محمد علي على حي ترنجة أين يجالس عديد المطويين كما أسلفنا ذكره. 
واعتبارا لما عرف به القناوي من وطنية صادقة تبرز في أعماله النضالية في صفوف الحزب أوالمنظمات العمالية لم يكن متوقعا أن تصاب علاقته بقيادة الحزب الحر الدستوري الجديد بفتور إلى حد القطيعة التي تعود إلى أسباب عديدة أهمها عدم مؤازرة القناوي للديوان السياسي أثناء نزاعه مع الحزب الدستوري القديم في صائفة 1937 وتنديده بأعمال العنف والمضايقات التي قامت بها عناصر من الحزب الدستوري الجديد لمنع الثعالبي من عقد اجتماعات داخل البلاد لفائدة حزبه وتصريحه في بلاغ أصدره يوم 18 نوفمبر 1937 معلنا فيه أن الجامعة العامة للعملة التونسيين هي منظمة نقابية تعاونية بحتة لا شأن لها بالسياسة ولا تنتمي لأي حزب من الأحزاب مهما كانت نزعته وأنه لم يدر قط بخلد المنظمة النقابية إعلان اضراب ليوم 20 نوفمبر ولا إعلان التضامن مع أي حزب سياسي. وهو ما ينفي المشاركة في الإضراب الذي دعا إليه الحزب احتجاجا على قمع المستعمر للمناضلين الوطنيين أصيلي الجزائر والمغرب الشقيقين ونخص بالذكر منهم مصالي وعلال الفاسي. كما نضيف تبرأ القناوي من أحداث بنزرت التي جدت يوم 6 جانفي 1938 احتجاجا على إبعاد المناضل الوطني والنقابي حسن النوري إلى الجزائر وقد ذهب عديد التونسيين ضحية الطغيان والجبروت في هذه الحادثة الأليمة وهو لا شك فيه أن حدس القناوي كان في محله إذ كان يصر على عدم المغامرة بتقديم مزيد الضحايا من التونسيين. ولم ينته الخلاف بين الحزب والقناوي عند حد القطيعة فقط بل تجاوز ذلك إلى عزم الأول على افتكاك الجامعة عنوة أثناء المؤتمر الذي عقدته هذه المنظمة الشغيلة يوم 29 جانفي 1938 فبينما كان المؤتمرون مجتمعين تحت رئاسة بلقاسم القناوي إذ اقتحم قاعة المؤتمر ثلاثون شخصا يتقدمهم الهادي نويرة وصالح بن يوسف والمنجي سليم فرفع عندئذ القناوي الجلسة وغادر مع جماعته القاعة تاركين جماعة الحزب مهيمنة على الإجتماع لتستحوذ على الجامعة النقابية وتشكل مكتبا جديدا أسندت كتابته العامة الى الهادي نويرة.هذا السطو على المنظمة لا مبرر له سوى الإنتقام من قيادة الحركة النقابية لعدم مسايرة موقفها من الأحداث المتلاحقة التي سبقت انعقاد المؤتمر كما تقدم ذكره مفصلا. فالدستور الجديد هاجسه توسيع رقعة النضالات والضغط المنظم على فرنسا وبالتالي استغلال النشاط النقابي في ذلك الإتجاه واخضاعه للعمل السياسي ولقرارات القيادة الدستورية التي لم يذعن إليها القناوي معتبرا أن منظمته النقابية مستقلة عن أي حزب آخر فلا علاقة تربط الواحد بالآخر. وقد نشر القناوي احتجاجا ضد افتكاك المنظمة عنوة بجريدة "البيتي ماتان" بتاريخ 7 فيفري 1938 تحت عنوان "إعلان إلى السكان التونسيين" يقول فيه : تصدر يوميا تقريبا منشورات في الجرائد باسم الجامعة العامة للعمال التونسيين بإمضاء أناس ليسوا في أعضاء مكتب الجامعة بحال وهؤلاء الناس يتمسكون بمؤتمر خيالي انعقد في 29 جانفي الفارط استخدمت فيه القوة وجرت فيه العمليات على خلاف القوانين وقد اعترف بذلك الخاص والعام وأنكرت السلط نفسها ذلك الصنيع وعليه فإن الكاتب العام للجامعة العامة للعمال التونسيين وكافة أعضاء المجلس الحقيقي لا يعترفون البتة بما عسى أن ينشر باسم الجامعة فيحذرون الرأي العام التونسي من ذلك الافتراء. فالمكتب الذي يرأسه بلقاسم القناوي هو الآن وسيبقى المكتب الوحيد المدير للجامعة العامة للعمال التونسيين. (كتاب "تاريخ الحركة الوطنية التونسية" وثائق 4 2- القطيعة 1936-1938 نشر دار العمل ) كما نددت النقابة العامة لعمال الحبوب بما أقدمت عليه جماعة الهادي نويرة على لسان السيد عبدالعزيز بنور " إن النقابة العامة لعمال الحبوب تحتج على التصويت المخالف للقانون الذي أجري في 29 جانفي 1938 لإنتخاب مكتب مزعوم للجامعة العامة للعمال التونسيين وقد قامت بتلك العمليات الشبيبة الدستورية وأعضاء الحزب الدستوري الجديد وأعضاء من نقابات بنزرت المخالفة إن كثيرا وإن قليلا للقانون ( ص208 نفس المصدر المتقدم).ورغم معارضة القناوي لهذا المكتب الغير شرعي معتبرا أن كل قراراته باطلة ولا تمت بصلة بميثاق المنظمة فقد تمسكت جماعة نويرة بجامعتهم وهو ما جعل هذا التصدع داخل الجامعة يؤدي إلى ميلاد جامعتين: جامعة بلقاسم القناوي التي أيدتها جل النقابات الأساسية وجامعة الهادي نويرة التي انحصر مؤيدها الوحيد في الإتحاد المحلي ببنزرت. وقد استغلت السلط الإستعمارية الخلافات والصراعات داخل الحركة الوطنية لتجهز على العمل النقابي الوطني وحيويته وهو ما يمهد الطريق لضرب العمل الوطني ككل في 9 أفريل 1938.
وأمام بغي المستعمر وظلمه والمؤامرات المتكررة ضده قرر صاحب التجربة النقابية الثانية بلقاسم القناوي هجر العمل النقابي ليعود إلى المطوية سنة 1939 للإشتغال في القطاع الفلاحي ولم يعد إلى تونس إلا في سنة 1942 ليتعاطى التجارة بدكانه الخاص في شارع الحرية الآن.
وتواجده في العاصمة يسر جلبه ومراودة حنينه إلى النشاط النقابي من جديد, فخلال المؤتمر التأسيسي للجامعة النقابية المنعقد يومي 8 و7مارس 1945 والذي انبثقت منه "جامعة الصنايعية وصغار التجار بالقطر التونسي" انتخب القناوي عضوا في هذا المكتب. ولم تمر سوى سنة على بعث هذه الجامعة حتى ظهرت بوادر الإختلاف والإنشقاق ففي 17 ماي 1946 قررت جماعة وطنية الإنسلاخ عن الجامعة الشيوعية لبعث منظمة نقابية مناهضة لها ويعزى هذا الإنشقاق إلى اختلاف الموقف داخل هذه المنظمة من قضية مشاركة الجالية الفرنسية القاطنة بتونس في الإستفتاءات والإنتخابات للمجلس التأسيسي ومجلس النواب التي كانت ستنظم آنذاك بفرنسا.وفي انتظار إلتآم المؤتمر التأسيسي للجامعة النقابية الجديدة للأعراف التونسيين تكونت هيئة وقتية كان من ضمنها بلقاسم القناوي الذي أسندت إليه مهمة كاتب عام مساعد وانعقد المؤتمر التأسيسي الذي تواصل يومي 16 و17 جانفي 1947وقد توصل المؤتمرون إلى بعث "الإتحاد لنقابات الصنايعية وصغار التجار بالقطر التونسي" وانتخب القناوي من ضمن العناصر المسيرة لهذه المنظمة وتمكن هذا الاتحاد من تحقيق عدة مطالب تمس من قريب الحرفيين بصفة خاصة وسواد الشعب بصورة أشمل, وعلاوة على مقاومة الإحتكار ومنفذيه حقق أهم مكسب على الإطلاق هو انتزاعه لحق توزيع أصناف عديدة من المواد الأولية على منخرطيه مثل القطن والحرير والصوف و والجلود مقاومة منه للإحتكار ومدبريه, كما نجح في تقليص نفوذ الشيوعيين إلى حد كبير. وفي المؤتمر الثاني لـ" الإتحاد النقابات الصنايعية وصغار التجار بالقطر التونسي" المنعقد أيام 14 و 15 و16 أفريل 1948 بتونس العاصمة والذي يعتبر المؤتمر الأول "للإتحاد التونسي للصناعة و التجارة" عارض بلقاسم القناوي باعتباره ممثلا لصغار التجار والحرفيين فكرة صالح بن يوسف الداعية إلى تغيير اسم المنظمة وقبول انخراط كبار المحتكرين المورد اليهودي أندري باروش.وقد أعلن القناوي صراحة أن الإستجابة لما دعا إليه صالح بن يوسف هي بمثابة القضاء النهائي على نشاط المنظمة وأهدافها مؤكدا على أنه لن يقبل أبدا الجلوس إلى نفس المائدة مع المورد اليهودي باروش الذي عرف باستغلاله الفادح لصغار التجار والحرفيين. وعلى غرار ما حصل أثناء مؤتمر 29 جانفي 1938 لجامعة عموم العملة التونسيين شعر القناوي بأن محاولة دوس استقلالية المنظمة العمالية تتكرر مرة أخرى وهو ما يجعل هذه المنظمة تحيد عن أهدافها الرامية للدفاع عن مطالب الشغالين المهنية والاجتماعية والاقتصادية فآل النقابيون على أنفسهم أن تتصدر هذه الأولويات مشاغلهم واهتمامهم مع ضمان استقلالية المنظمة, وقد آمن القناوي بضرورة رفع هذا الشعار أمام كل التحديات جهارا ولن يتراجع في الذود عنه مهما كلفه هذا الالتزام, ويا للأسف فقد تنكر له عديد المسيرين لترجح كفة المؤيدين الذين ينتمون للحزب الدستوري الجديد لاقتراح صالح بن يوسف ولعب الانتماء لهذا الحزب دورا كبيرا في تعديل الكفة لفائدتهم حيث أن أغلب الذين صوتوا لفائدة تغيير اسم المنظمة هم اما من مناضلي هذا الحزب أو من المتعاطفين معه كثيرا. حينئذ فشل القناوي مرة ثانية في التصدي لمحاولة الحزب الدستوري توجيه المنظمة العمالية فحبذ اعتزال العمل النقابي نهائيا. ورغم لقاء القناوي بالزعيم بورقيبة سنة 1952 لمراجعة الخلافات القائمة فقد خرج منه متحسرا ومكدر الخاطر عازما على عدم تكرار مثيله حتى لا يهان مرة أخرى وفي سنة 1973 التقى به مرة ثانية في زيارة مجاملة لا غير. وقبل أن يوافيه الأجل المحتوم يوم 15 فيفري 1987 ليدفن بمقبرة الزلاج بالعاصمة بعدة سنوات أشرف بلقاسم القناوي على إدارة شركة التضامن المطوي للصيد البحري كرئيس مدير عام . 
وللتاريخ ولدحض تهمة الخيانة التي ألصقت بالقناوي على المتسرعين في اصدار أحكامهم أن يتبينوا الحقيقة من الشبهة فالقناوي وطني دستوري مخلص ساهم مساهمة فعلية في مشاغبة المستعمر الفرنسي وجوره والدفاع عن المستضعفين غير مبال بما سيترتب عن شجاعته من تتبعات عدلية وبإمكان غيره أن يتغاضى عن ذلك ويكتفي بالحصول على لقمة العيش لكن القناوي أصر على مناصرة الشغالين التونسيين والسعي لإقرار حقوقهم ومساواتهم مع الأجانب مهما كلفه مسعاه فلو صح ما ذهب إليه المشككون, هل يعقل أن يتعرض المتعاطف مع السلط الاستعمارية الى التعذيب والنفي لعدة سنوات؟ إن بلقاسم القناوي جدير بتصحيح ما نسب إليه من تهم هو منها بريء ومن اتهم هذا المناضل والنقابي بالخيانة عليه أن يتحرى في أقواله فالحقيقة لا تحجب لمن سعى لنفض الغبار عليها. وحان الوقت المناسب ليأخذ بلقاسم القناوي منزلته إلى جانب قادة الحركة النقابية أمثال محمد علي وفرحات حشاد وغيرهم فهل يتحقق ذلك؟ 



بلقاسم القناوي   يتزعم مظاهرة 9 أفريل


بلقاسم القناوي في اجتماع عمالي
بلقاسم القناوي

شاهد ايضا